عضو هيئة تدريس – جامعة بنغازي-دولة ليبيا

عضو مؤسس – المجلس العربي للإبداع والابتكار

مع تزايد الاهتمام بالوعي والقضايا البيئة بسبب تفاقم المشاكل البيئة التي تواجه العالم وتهدد الحياة على كوكب الأرض مثل ارتفاع معدلات التلوث البيئي العالمي وإهدار الموارد الطبيعية والاحتباس الحراري وتلف طبقة الاوزن وتقلص المساحات الخضراء وغيرها، ومع ظهور العديد من المنظمات الحكومية الدولية المهتمة بالقضايا البيئية مثل برنامج الأمم المتحدة للبيئة واللجنة الدولية للتغيرات المناخية والوكالة الأوروبية للبيئة، وإدراك العالم لخطورة التلوث البيئي كمشكلة حقيقية عابرة لحدود الدول التي ينبعث منها التلوث (البحيري،2018).

نبهت جميع المؤتمرات المهتمة بالبيئة وقمم الأرض (مؤتمر الأمم المتحدة للبيئة البشرية،1972؛ مؤتمر نيروبي، 1982؛ اللجنة العالمية للبيئة والتنمية،1987؛ مؤتمر الأمم المتحدة للبيئة والتنمية،1992؛ مؤتمر القمة العالمي للتنمية المستدامة،2002؛ مؤتمر الأمم المتحدة للتنمية المستدامة،2012؛ قمة الأمم المتحدة من اجل المناخ،2019) إلى محدودية وندرة الموارد الطبيعية والاقتصادية على مستوى العالم، ودعت الجميع (الدول، المؤسسات، الافراد) لعدم استنزاف هذه الموارد حتى تتمكن من الوفاء باحتياجات الأجيال القادمة، كما أكدت هذه المؤتمرات على ضرورة ايجاد علاقة أخلاقية تربط بين الانسان والبيئة ينتج عنها صون البيئة، ونبهت إلى ضرورة التعامل مع الموارد _ الطبيعية والاقتصادية_ بكفاءة عالية وتحقيق العدالة الاجتماعية لجميع البشر(الحسن،2011).

كما وضعت الجمعية العامة الأمم المتحدة، خلال قمة الأمم المتحدة للتنمية المستدامة 2015، مجموعة أهدف للتنمية المستدامة من أجل رؤية عالمية وتحويلية لعالم أفضل(الجمعية العامة للأمم المتحدة،2015)، حيث تهدف الي الحفاظ على الموارد الطبيعية والبشرية لكوكب الأرض، وتطويرها وتحسين مستوى مواجهة المشاكل الاقتصادية والاجتماعية والبيئية بحيث تلبي احتياجات الأجيال الحالية دون المساس بقدرة الأجيال القادمة على تلبية احتياجاتها الخاصة، وقد وضعت الأمم المتحدة خطة للتنمية المستدامة لعام (2030) لضمان حياة كريمة للبشرية والمحافظة على الموارد للأجيال القادمة(إسماعيل والبردان،2018).

وقد سارعت العديد من دول العالم إلى تبني الأهداف البيئية ووضع التشريعات واتخاذ الإجراءات اللازمة للمحافظة على البيئة والزام المنظمات، المسبب الرئيس للمشاكل البيئية في العالم، بالعمل على معالجة القضايا البيئية والاهتمام بالبعد البيئي واتخاذ المبادرات الخضراء في ممارستها لأنشطتها واعتماد التوجه الأخضر(الجمل،2020)، مما دفع إلى تطوير مفهوم الاستدامة التنظيمية الذي يتضمن قضايا المسؤولية الاجتماعية وتكامل الأنشطة الاقتصادية مع البيئة الطبيعية والاجتماعية، ولعل من اهم الاستراتيجيات لتحقيق ذلك التكامل هو الابتكار الأخضر.

ويعرف الابتكار الأخضر بانه ” ابتكار منتجات، أو عمليات انتاج تهدف إلى معالجة المشاكل البيئية الناتجة في دورة حياة المنتج” (كواش،23:2021)، ويشمل ابتكار التقنية من اجل توفير الطاقة، منع التلوث، وإعادة تدوير النفايات، تصميم المنتجات الخضراء والإدارة البيئية، كما انه يمكن أن يظهر تأثيرات إيجابية على الأداء البيئي، فمن وجهة نظر الإدارة الاستراتيجية، يساعد الابتكار الأخضر كل من المؤسسات والبنوك والحكومة على تحقيق التنمية المستدامة(الطالبي وحسين،2018).

وللابتكار الأخضر أهمية كبري للشركات، حيث يساهم في زيادة الأرباح، وايجاد منافذ لأسواق جديدة، أو ناشئة، كما يمكن له أن يعمل على جذب الاستثمارات، وزيادة الانتاجية، والتعامل أكثر بالتقنيات الحديثة مع الأخذ بعين الاعتبار اللوائح، والاعتبارات البيئية، والالتزام بها، وبالتالي يعد بمثابة المفتاح لتحسين الميزة التنافسية في عالم يزداد فيه الاهتمام بالبيئة (كواش،2021).

ويهدف الابتكار الأخضر إلى: الحفاظ على الطاقة، والمياه، خفض الانبعاثات الضارة الناتجة عن عملية الإنتاج؛ إحداث التنمية الاقتصادية للمنظمة والمجتمع؛ تحسين جودة المنتج وعمليات الإنتاج؛ تحسين جودة البيئة؛ خلق فرص عمل مميزة؛ خفض الاحتباس الحراري، وتتمثل مجلات الابتكار الأخضر في، المنتج الأخضر، عمليات الإنتاج الأخضر، الابتكار التنظيمي، حيث أن (الطالبي وحسين،2018):

1. المنتج الأخضر: حيث أنّ الابتكار يساهم في ادخال منتجات جديدة أو تحسين المنتجات الحالية لتكون اقل ضررا وأكثر ملائمة على البيئية وكمثال على ذلك الورق الخالي من الكلور والقابل للتدوير.

2. عمليات الإنتاج الخضراء: حيث أنّ الابتكار الأخضر يساهم في تطوير تكنولوجيات أو عمليات جديدة تكون أقل ضررا، وأكثر ملائمة للبيئة، كما في استخدام تكنولوجيا نظيفة أو تكنولوجيا تتطلب مواد أولية وطاقة أقل للتقليل أو القضاء على النفايات في نهاية العملية الانتاجية، بهدف تقديم منتج صديق للبيئة يوفر الطاقة ويمنع التلوث ويسمح من إعادة تدوير النفايات، كما يمكن للمنظمات تنفيذ عمليات الابتكار الاخضر أثناء عملية التصنيع وذلك من أجل خفض زمن العملية الانتاجية، وبالتالي خفض التكاليف.

3. الابتكار التنظيمي: الذي يساهم في ادخال المفاهيم الجديدة وتطبيقها التي تعمل على تحسين البيئة الداخلية ومن ثم تحسين أداء الشركة الكلي بما في ذلك أداؤها البيئي، من خلال زيادة قدرة المنظمة في حل المشكلات، تجديد عملياتها، واستخدام أفكار جديدة خضراء سواء في المنتج، أو في العمليات.

ويلعب الابتكار الأخضر دوراً مهماً في الاستدامة البيئية للمنظمات المعاصرة، حيث  تساهم الشركات من خلال الابتكار الأخضر في المحافظة على سلامة البيئة الحيوية وذلك بتخفيض استهلاك الموارد وتقليل توليد النفايات والتلوث، فضلاً عن تأثيراتها على النظم الايكولوجية، والأرض، والماء، والهواء، ولهذه المساهمة آثار إيجابية على أداء المنظمة، والمحافظة على سمعتها والوصول إلى الاستخدام الأمثل للمواد الاولية، وذلك من خلال إمكانية إعادة تجديد (استخدام) المنتج والمنتجات الصديقة للبيئة، ويترجم هذا البعد بمفهوم رعاية البيئة أو الاعتناء بها وتحقيق الكفاءة البيئية التي تؤدي إلى خلق القيمة وتحقيق جودة الحياة ورعاية البيئة وتحسين جودة السلع والخدمات والاستهلاك القابل للاستمرار والتطور ونظافة العمليات والإنتاجية (كواش،2021).

المراجع

أسماعيل، عمار فتحي موسى؛ البردان، ومحمد فوزي أمين. (2018). دور ممارسات إدارة الموارد البشرية الخضراء في تدعيم سلوكيات المواطنة التنظيمية البيئية. المجلة العلمية للبحوث التجارية، 29(1): 61-121.

البحيري، هشام محمد صبري. (2018). أثر تطبيق مفهوم إدارة الموارد البشرية الخضراء GHRM على تفعيل ممارسات إدارة الموارد البشرية في بيئة الأعمال المصرية. المجلة العلمية للدراسات التجارية والبيئية، 9(2): 102-140.

الجمعية العامة للأمم المتحدة. (25-27 سبتمبر 2015)، تحويل عالمنا: خطة التنمية المستدامة لعام 2030، مؤتمر قمة الأمم المتحدة للتنمية المستدامة، نيويورك، الولايات المتحدة الأمريكية.

الجمل، مصطفى ماهر محمد. (2020). إدارة الموارد البشرية الخضراء ومدى الاستفادة منها في ظل أزمة فيروس كورونا. كلية التجارة، جامعة طنطا، جمهورية مصر العربية.

الحسن، عبدالرحمن محمد.( 15-16 نوفمبر2011)، التنمية المستدامة ومتطلبات تحقيقها، ملتقى استراتيجية الحكومة في القضاء على البطالة وتحقيق التنمية المستدامة، جامعة المسيلة، الجزائر.

الطالبي، أحمد عبدالستار؛ وحسين، علياء إبراهيم.(2018)، عناصر الابتكار الأخضر وأثرها في تعزيز الاستدامة البيئية: دراسة استطلاعية في شركات صناعة الالبان في القطاع الخاص في الموصل، مجلة جامعة جيهان أربيل العلمية،(2):351-379.

كواش، زهية.(2021)، أهمية الابتكار الأخضر في التحول نحو الاقتصاد الدائري لحماية البيئة وتحقيق التنمية المستدامة-دراسة حالة شركة ناتورا، مجلة جديد الاقتصاد، 16(1):509-529.